أهلا بكم
لا أعرف كيف أبدأ ولكن هناك مشكلة حيرتني كثيرا طوال خمس سنوات، ظننت في بادئ الأمر أنها مشكلة بسيطة ولكني بعد ذلك وجدتها تلفت انتباهي بشدة أكثر فأكثر، كل ما أريده هو إجادتي للحديث، أعني بذلك كيفية التكلم والتعبير؛ فأنا أفتقر إلى الكلمات التي تساعدني في الحصول على ما أريده وآخذ وأعطي مع الآخرين، والأهم هو التعبير عن أفكاري وعما أشعر به اتجاه موقف معين؛ فأنا دائما أعاني من النسيان بشكل لافت للنظر وأعتبر الحفظ عندي أكره شيء عند المذاكرة أو غيرها.
وفي نفس الوقت أعاني من الخوف الاجتماعي كثيرا؛ حيث أنه ليس لدي صداقات إلا نادرا بسبب صعوبة أخذي وعطائي في الكلام مع الناس، حيث أشعر كأني أعبر عن شيء مجهول رغم أني أعرفه، لكن الأفكار غير واضحة وكذلك صعوبة إيجاد الكلمات المناسبة إلى درجة شعوري بالإحباط عندما يتكلم أحد معي ولا أعرف كيف أرد عليه، وكذلك عندما أتواجد مع أحد وأريد التحدث معه، ولكن لا أعرف ماذا أقول، أو بالعامية كيف أدردش.
صحيح أن الخوف له دور، لكني جربت التحدث مع أشخاص لا أتحدث معهم ولكن وجدت المشكلة أخف بقليل معهم.
مع العلم أن الخوف لم أعانه إلا منذ ست سنوات أو أكثر، وأنا الآن في بداية العشرينيات ومشكلة صعوبة التعبير كنت أعانيها منذ الصغر حيث كنت في المرحلة المتوسطة أستعين بأحد أقاربي في حل واجب التعبير الذي كنت أعتبره أصعب المواد.
قد تستغربون مني في كيفية كتابتي لمشكلتي ولكنكم لا تدركون الوقت الذي استغرقته في كتابتها، أتمنى منكم بفارغ الصبر بأن ترشدوني وتوضحوا حقيقة ما أعانيه، إن كان هذا أحد أشكال الرهاب الاجتماعي وأنا لا أعرف!!!!
أرجو توضيح ذلك،
ولكم جزيل الشكر بعد الله تعالى.
29/12/2021
رد المستشار
الأخ العزيز، أهلا بك وأشكرك على ثقتك.
تعتبر إفادتك مهمة جدا لأنها من حيث لا تدري أنت تكشف لنا جزءًا مما يعانيه كثيرون، بعضهم لا يدرك أن لديه مشكلة ما وبعضهم لا يشتكي وبعضهم كثير الشكوى، ولكن ما يعنيني هو الطريقة التي تتغير بها الأفكار أو الموقف من تلك المشكلة، وكذلك الطريقة التي تُفهم بها تعبيرات الأطباء النفسانيين أو غيرهم من المتحدثين بالعربية في الأمور النفسانية.
فأنت في البداية كنت تظن مشكلتك مشكلة بسيطة ولكنها أخذت تشغل بالك يوما بعد يوم، وأحسب أن لقراءاتك دورا في ذلك، كذلك أحسب أن لكثرة الحديث عن توكيد الذات في وسائل الإعلام والإنترنت والمطبوعات -التي انتشرت بشكل غريب في دول الخليج خاصة- دورا في ذلك؛ فأنت تصف لنا مشكلة ما تتعلق بصعوبة التعبير عن النفس وصعوبة الدخول في محادثة مع الغرباء خاصة، ولذلك أرسلت لنا وأنت تصف مشكلتك بقولك:
(كيفية التكلم والتعبير؛ فأنا أفتقر إلى الكلمات التي تساعدني في الحصول على ما أريده وآخذ وأعطي مع الآخرين والأهم هو التعبير عن أفكاري وعما أشعر به اتجاه موقف معين؛ فأنا دائما أعاني من النسيان بشكل لافت للنظر، وأعتبر الحفظ عندي أكره شيء عند المذاكرة أو غيرها)، وهنا أراك تخلط بين النسيان في الاستذكار وبين نسيان ما تود قوله في موقف اجتماعي وشتان بين الاثنين!.
ثم تخلط مرة أخرى بين التعبير عن رأيك أو علمك بموضوع ما كتابة (كما في مواضيع التعبير التي كنت تستعين بقريبك لكتابتها وأنت في المرحلة المتوسطة من التعليم) والتعبير عن مشاعرك الداخلية تجاه الآخرين شفاهة أو حتى كتابة (فأنت تشير إلى قضاء وقت طويل لكتابة هذه الإفادة لنا)، ومرة أخرى أقول لك هنالك فرق بين هذا وذاك.
وليست مشكلة أن تكون السن التي بدأت فيها معاناتك هي حوالي الرابعة عشرة أي بداية البلوغ والمراهقة، فهذا أمرشائع، وإنما المشكلة هي أننا لا نستطيع تشخيص اضطراب معين أكثر من أنك قلق أكثر من اللازم وقد يكون الخوف الاجتماعي أحد مظاهر هذا القلق، ولكن بأي شيء نفسر صعوبة الكتابة لنا؟ ليس لدي جواب يا بني!.
قد نفسر نسيانك ما تود قوله في المواقف الاجتماعية بأنه النسيان الناتج عن ظاهرة السدة العاطفية Emotional Block في المواقف الصعبة، وهذا يحدث لكثيرين، وقد تكون أنت أكثر عرضة لذلك لأن الخوف الاجتماعي عندك أعلى بصفة خاصة، ولكن هذا لا يفسر صعوبة الكتابة على الإنترنت؛ ذلك أن جوهر اضطراب الرهاب الاجتماعي هو خوف الشخص من أن يقيمه الآخرون في المواقف الاجتماعية تقييما سلبيا سواء لأدائه أم لمظهره، فهل الكتابة لنا في استشارات مجانين موقف اجتماعي؟.
على أي حال أجد أنني لا أستطيع تفسير أو ربط كثير مما تضمنته إفادتك ببعضه؛ فهناك احتمال أن تكون بين سمات شخصيتك أصلا سمة صعوبة التعبير عن المشاعر، وذلك استنتاج من ذكرك لصعوبة وجدتها وأنت تحدث أشخاصا مقربين منك، ومثل هذه السمات التي تشكل بلورة لبعض سمات الشخصية التجنبية Avoidant Personality ؛ فهناك ما نسميه باضطراب الشخصية الاجتنابية أو الرهابية أو القلقة Avoidant Personality Disorder والذي يعني فترة أطول وصعوبة في تحديد بداية لظهور الأعراض حيث يعجز الشخص المريض وكذلك الطبيب عن تحديد بداية واضحة للأعراض، ويتصف ذلك النوع من الشخصيات بما يلي:
1- أحاسيس التوتر والتوجس المستمرة والمنتشرة في كثير من أو معظم المواقف الحياتية.
2- الشعور أو الاعتقاد بأنه في غير موضعه الاجتماعي المناسب وأنه غير مقبول شخصيا أو أنه أقل من الآخرين.
3- انشغال شديد بكونه موضع نقد أو رفض في المواقف الاجتماعية.
4- عدم الرغبة في مشاركة الآخرين إلا عند التأكد من كونه محبوبا منهم ومرغوبا فيه.
5- كثير من القيود تقيد نمط حياته بسبب حاجته إلى الشعور بالأمن الذاتي.
6- تجنب الأنشطة الاجتماعية والوظيفية التي تتطلب علاقات شخصية أساسية بسبب الخوف من الاعتراض أو النقدأو الرفض من الآخرين.
فإذا تصورنا أن واحدا يمتلك بعض هذه السمات ثم قرأ عن توكيد الذات والتعبير الحر عن المشاعر وما إلى ذلك مما تزخر به الإنترنت والمكتبات ووسائل الإعلام فإنني أحسب أن إفادة كإفادتك هذه يمكن أن تكون النتيجة، والحمد لله أنك ما زلت في سن تسمح لك بالعلاج وإن كان صاحب تلك الشخصية عادة لا يطلب العلاج ولا يسعى له. وعلىأي حال أحسب أننا بحاجة إلى كثير من الإفادة والتفاصيل التي قد تستطيع استنتاجها من قراءة الإحالات المتضمنة في هذا الرد، وأنصحك بسرعة العرض على طبيب نفساني وأن تتابعنا بالتطورات.