السلام عليكم
أنا متزوج، وهناك بعض الأشياء التي أريد السؤال عنها:
أولا: الكلام أثناء الجماع يثير كلا من الزوجين، ولكنْ هناك كلمات لا أعرف هل التلفظ بها صواب أو خطأ! وهي الألفاظ الدارجة للأعضاء الجنسية والشتائم، ومن الممكن أن تكون سبًّا بالأب والأم! أو كلاما عن أشياء محرمة نقولها ولا ننوي فعلها، ولكن نقولها للإثارة.
أنا أعرف أنه سؤال محرج،
ولكن ثقتي بكم وإعجابي بالموقع دفعتني لذلك.
29/12/2021
رد المستشار
الأخ العزيز "ع" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يحتاج أحد الزوجين أو كلاهما لمشهيات تحرك الرغبة لديه _(أو لديهما)، وهذه المشهيات قد تكون ألفاظا معينة لها جذور أو دلالات خاصة ارتبطت بنشأة الشخص والبيئة التي عاش فيها والرموز الجنسية المنتشرة في هذه البيئة، أو قد تكون تخيلات معينة تدور في ذهنه فتحرك مشاعره الجنسية، أو تكون حركات أو أوضاعا معينة تجعله يرى الطرف الآخر بشكل أكثر إثارة، فبعض الرجال يفضلون رؤية الزوجة من الأمام وبعضهم لا يثيره إلا المنظر الخلفي أو الجانبي، وبعضهم (أو بعضهن) لا يستثار -كما ذكرتَ- إلا بسماع كلمات قبيحة تقال في الشارع أو شتائم، أو ذِكْر الأعضاء الجنسية بأسمائها الدارجة، أو وصف بعض الأشخاص بواسطة الزوجة أو بواسطة الزوج. وأحيانا تكون لدى الزوج أو الزوجة شذوذات أو انحرافات جنسية تتطلب وصف أشخاص معينين أو أوضاعا معينة للوصول لحالة الإثارة، كأن تصف المرأة لزوجها رجالا معينين، أو يصف هو لها نساء بعينهن، أو يتخيل أحدهما رفيقا آخر أثناء هذه العلاقة.
ومن المعروف أن الاعتياد على كلمات أو طقوس معينة أثناء الجماع يجعلها ترتبط بما يحدث من مشاعر سارة ولذيذة أثناء هذه العلاقة، وبالتالي يحدث تمسك بها وتصبح العلاقة بدونها باردة أو غير ممتعة، وبمعنى آخر يحدث تثبيت لهذه الأشياء مع الوقت بحيث يصبح الاستغناء عنها صعبا، ولهذا نحرص على أن تكون الارتباطات الشرطية أثناء هذه العلاقة الحميمة ارتباطات نظيفة وراقية تسمو بمشاعر الزوجين وتحافظ على احترام كل منهما لنفسه وللطرف الآخر.
فعلى الرغم من أن الألفاظ القبيحة والشتائم البذيئة قد تثير أحد الطرفين (أو كليهما)، فإنها تلوث وعي الطرف الآخر أو تلوث وعي الطرفين، وتلوث طهارة هذه العلاقة وتحط من كرامتها، وتدنو بها إلى مستويات علاقات الشوارع أو بيوت الدعارة، وقد تهتز صورة الزوج أمام زوجته أو العكس، فعلى الرغم من احتمال قبول هذه الممارسات أثناء الاندماج في العلاقة، فإنه بعد انتهائها تصبح ذكرى غير سارة أو ذكرى مخجلة وجارحة للمروءة، وربما يكره أحد الطرفين العلاقة ويعتبرها شيئا مدنسا أو قذرا أو لا أخلاقيا أو منحطا.
والمشهيات الجنسية مثل مشهيات الطعام؛ فنحن نحتاج أن يسبق الطعام بعض السلاطات والمتبلات، ونحتاج أن يكون مكان تناول الطعام نظيفا ومريحا، وأن تكون الأضواء والأشكال والروائح مناسبة، ولا يتصور أن تكون هناك نفس سوية تطلب أن يسبق الطعام أو يواكبه وجود بعض القاذورات على المائدة أو مختلطة بالطعام.
فضلا عن أن استخدام الألفاظ القبيحة والشتائم النابية تنافي -من الناحية الدينية- آداب الجماع المذكورة في كتب الفقه؛ فالعلاقة بين الزوجين علاقة لها قداستها واحترامها؛ لأنها تتم بكلمة من الله فهي علاقة ترعاها السماء، وهى علاقة توضع فيها بذرة الحب بين الزوجين، كما توضع فيها بذرة الإنسان أكرم مخلوق في الوجود، ولا يتصور أن توضع بذرة الحب وبذرة الإنسان في سياق مليء بالبذاءات والشتائم والكلمات القبيحة؛ بل من المطلوب الدعاء عند ممارسة هذه العلاقة: "اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا"، ولا يتصور بعد هذا الدعاء التلفظ بأي كلمات قبيحة، فضلا عن أن هذه العلاقة الزوجية الخاصة يؤجر عليها الإنسان فهي قربة إلى الله، ولا يتصور أن يكون ذلك مصحوبا بكلمات بذيئة أو محرمة.
إذن أنصحكما ببدء علاقتكما بالدعاء المأثور، ثم تتبادلا كلمات الحب الرقيقة، ولا مانع من أن يصف كل منكما علامات الجاذبية والإثارة في الطرف الآخر من خلال استخدام لغة راقية ونظيفة تحفظ لهذه العلاقة قدسيتها ونظافتها، وفي الوقت نفسه تساعد على الإثارة المشروعة، ولا مانع من تغيير الأوضاع الجنسية؛ ففي ذلك مزيد من الإثارة، خاصة أن القرآن أباح ذلك في قول الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ}.
ويمكن أيضا زيادة الإثارة باستخدام روائح عطرية مختلفة حسب ذوق الزوجين، وإضاءة معينة، وأماكن معينة في البيت، وطرق متجددة في المداعبات، كل هذا مشروع ويغني عن استخدام الألفاظ القبيحة أو الشتائم البذيئة أو الأشياء المحرمة، خاصة أن العلاقة الجنسية بين الزوجين ليست فقط علاقة جسد بجسد، وإنما هي علاقة تتمدد في الكيان الإنساني كله بدءا من جسده ومرورا بمشاعره وعقله وانتهاء بروحه، فلا يتصور أن تتلوث كل هذه المستويات بالقبيح من القول أو الفعل، ودائما في الحلال مندوحة عن الحرام.