السلام عليكم
أود أن أطرح عليكم مشكلة ابنتي (جنى) التي أتمت عامها الرابع منذ شهر، منذ سنة تقريبا وعندما التحقت لأول مرة بالحضانة لاحظت أنها تنطق بعض الكلمات بطريقة مختلفة عن أقرانها، وركزت حتى أعرف أين المشكلة بالضبط فوجدت أنها تستبدل أحرفا مكان الأخرى، وبالتحديد خمسة أحروف وهي: (ر تنطقها ياء، ش تنطقها س، ك تنطقها ت، خ تنطقها س أو ث، ج تنطقها د).
ومنذ شهرين تقريبا بدأت طريقة نطقها لحرف الخاء تتحسن تدريجيا، فبدأت تنطقها وسط الكلمة ثم في أول الكلمة، واعتبرت أنا هذا مؤشرا على التحسن.
لكن المشكلة الكبرى أن اسمها يبدأ بحرف الجيم، والغريب أنها في اسمها بالذات لا تنطقه د بل ز، عندما يسألها أحد عن اسمها تقول اسمي زنى.
واستشرت صديقة لي تعمل طبيبة نفسية وأشارت أنه لا داعي لاستعجال الذهاب إلى أخصائي التخاطب الآن؛ لأن البنت ما زالت صغيرة، وقد يعرضها هذا النوع من الجلسات إلى نتائج سلبية، ولكني أخاف بشدة لأن بعد أيام قليلة سوف تلتحق ابنتي بالمدرسة (أولى حضانة) وأخشى أن تتعرض للسخرية من مدرسيها أو أصدقائها فيؤثر ذلك على نفسيتها.. فهل حقا ما زال الوقت مبكرا على استشارة أخصائي التخاطب.
مع العلم أن ابنتي طبيعية جدا وذكية، تتحدث طوال الوقت وتستطيع أن تحكي جيدا جدا فيما عدا الكلمات التي تدخل فيها تلك الحروف السابقة، ولا تتلعثم في نطقها بل فقط تستبدل الحروف كما ذكرت، وأنا وأبوها وأخوها الأكبر نتحدث بطلاقة ولا مشاكل لدينا في نطق أي حرف، ونحن بفضل الله أسرة مستقرة وترعى الله في تربية أطفالها، ونلبي احتياجاتهم قدر المستطاع ولله الحمد..
أرجو الإفادة
ولكم مني خالص الشكر.
19/1/2022
رد المستشار
سيدتي الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولا أحب أن أعبر لك عن مدى سعادتي بك كنموذج يحتذى به في الأمومة الواعية التي تراعي وتهتم بكل التفاصيل فيما يخص الأبناء، وتحرص على الجانب النفسي أيضا، وهو جانب قد تهمله بعض الأسر، بل لا يدركون أن للطفل مشاعر وأنه عرضة للمشكلات النفسية شأنه في ذلك شأن الكبار.
أما عن حالة ابنتك فدعينا نتكلم في عدة نقاط:
1- ما هي حالتها بالضبط؟
2– أسباب هذه الحالة.
3- ماذا نفعل؟ وما هو العلاج؟ وماذا عن المآل؟
1- ما هي الحالة؟
إنها حالة اضطراب في النطق أو لثغة في صورة إبدال للأصوات، بمعنى أن يصدر الطفل صوتا آخر للحرف المراد نطقه، وهي شائعة بين الأطفال دون السادسة من العمر، وتتفاوت في الشدة من طفل إلى آخر، ومن مرحلة عمرية إلى أخرى، وكذلك حسب المواقف التي يتعرض لها الطفل.
2- بالنسبة للأسباب:
في كثير من الحالات لا يمكن لأخصائي التخاطب تحديد سبب معين، فهؤلاء الأطفال الذين يعانون من اضطرابات النطق لا يعانون نقصا في الذكاء ولا يختلفون في قدرتهم على التعلم والقدرات الأكاديمية عن أقرانهم ممن هم في مثل عمرهم، لكن الأسباب قد ترجع إلى حدوث تأخر في النمو والتطور للمراكز المخية العليا الخاصة باستقبال وإصدار الكلام، مما يؤدي إلى مشكلات في التمييز السمعي للحروف.
فربما لا يستطيع الطفل تمييز الحرف عند سماعه من الآخرين، أو قد تكون المشكلة في عدم قدرة الطفل على إصدار الأصوات الخاصة بالحروف بشكل صحيح نتيجة لتأخر نمو الجهاز العصبي؛ مما يؤدي إلى خلل في التوافق العضلي الحركي الخاص بالعضلات المسئولة عن الكلام في الفم والحنجرة، فهنا الطفل يميز الحرف لكن لا يستطيع نطقه.
وتزداد حدة ضعف القدرة على نطق الحرف كلما تعرض الطفل لموقف ضغط لإصدار الكلمة، بمعنى أن الطفل يفكر قبل إصدار الكلمة فلا يستطيع نطقها، بينما إذا كان في موقف لا يوجد فيه ضغط يتحدث بتلقائية، وقد ينطق الكلمة بشكل صحيح، لكن بمرور الوقت يكتسب الجهاز العصبي نموه وتطوره الطبيعي وتختفي هذه المشكلة.
3- ماذا نفعل؟
لكن ماذا نفعل؟ هل نترك الطفل بدون علاج على اعتبار أن هذه الحالة قد تشفى من تلقاء نفسها؟
في الواقع لا نفضل ذلك لثلاثة أسباب:
أ- دخول الطفل مرحلة الروضة واحتمال تعرضه لسخرية من زملائه مما يؤثر على حالته النفسية ويصاب بالقلق أو الاكتئاب، ويؤثر ذلك سلبا على ثقته بنفسه في مرحلة تعد من أهم مراحل الحياة لبناء الثقة بالنفس.
ب- إذا كانت هناك مشكلة في التمييز السمعي فإن ذلك سيؤثر على سماع الحروف فيكتبها الطفل كما يسمعها وكما ينطقها، فقد يبدل حرف ر إلى ي، ويتعلم الأطفال أن ر راية مثلا، وي يد، فإذا سألناه: "ر إيه؟ يقول ي يد"، فيخلق ذلك نوعا من صعوبات التعلم المرتبطة بمشاكل اللغة.
ج- كلما تأخرنا في علاج مشكلات النطق تصبح أكثر صعوبة.
لذا لابد من عرضها على أخصائي تخاطب لتقييم الحالة بتطبيق اختبار النطق على الطفلة، وبيان مدى قدرتها على نطق الحروف، فكلما كانت أكثر قدرة على نطق الحروف ترديدا مع المعالج كان ذلك مؤشرا على حسن المآل بإذن الله، وسيكون العلاج في شكل جلسات في الغالب لا تستغرق سوى شهر أو اثنين ما دام أن الطفل يتمتع بقدرة عقلية جيدة وليس لديه أي إعاقات أخرى.
وفقك الله وبارك لك في ابنتك.