أنا وخطيبي وضغط الاحتياج
أنا فتاة أعرف ربي، وأخافه والحمد لله، ولكني لا أرتدي الحجاب الآن، فعسى أن يهديني الله إلى ذلك، بالرغم من أن الاستعداد موجود من الآن، تقدم لخطبتي طالب مسلم من ألمانيا منذ ما يقارب السنة، وأخبرته بذلك، ونحن متفقان والحمد لله.
وبالرغم من القول الشائع بأن أفضل فترة تعيشها الفتاة أو الشاب هي فترة الخطوبة، فإنني لا أشعر من ذلك بشيء. تكلمت مع خطيبي كثيرًا في الأمور المستقبلية حتى حفظناها غيبًا، وهو لا يُقدم على زواجي الآن بسبب الأحوال المادية الصعبة، وبسبب التكاليف العالية التي يتطلبها الزواج ومقدماته، كما أنه لا يزال طالبًا، وستنتهي دراسته الجامعية بعد سنة، وحتى نشغل أوقاتنا، ولا يكون هناك فراغ بين قلبي وقلبه، نتحدث أحيانا في أمور يميل لها القلب، مثل الحب الذي لا يصح الكلام فيه إلا لمَنْ قد تزوج شرعًا، وأضربه مزاحًا حتى ألمسه متعمدة، وأحيانًا هو كذلك، وأنا لا أستطيع بصراحة عندما أراه أن أتحكم في يدي، أو نظراتي إليه.
هل أنا بفعلي هذا قد وقعت في الحرام؟ هل يحق لنا أن نتغازل، رغم أنه لم يُعقَد القران حتى الآن؟ أريد أن أعرف الحدود الشرعية في التعامل مع خطيبي، وإن كنت لا أستطيع التوقف عن الأعمال السابقة، فما الحل؟!
أقولها كثيرًا: يا رب هذه آخر مرة! ولكنني أعود إلى ذلك مرة ومرات.
والطريق طويل… أنقذوني.
3/2/2022
رد المستشار
أخي الكريم، أختي الكريمة:
أفسد الناس الدنيا، وذهبوا يلتمسون الحل في الدين، وفي غير الدين، وعطلوا عقولهم ثم جاءوا يشكون!
أهل عروسك أو خطيبتك مخطئون طبعاً، وهم متساهلون في شأن خطير، متغافلون عن شر مستطير؛ لأننا حين نضع البنزين بجوار النار، فالأصل أن يندلع الحريق، وهكذا فترة الخطوبة إذا طالت..، وكانت فيها اللقاءات، والمكالمات، والملامسات، والمغازلات، فأين الدين – أي دين – من هذا كله لتسألوا عن حكم الدين؟! بل أين العقل السويّ أو المنطق السليم؟!
موقف الأهل خاطئ من هذه الزاوية، ونذهب إليكما: الأخت تقول أعرف ربي وأخافه، ولا أرتدي الحجاب؛ لأن الاستعداد موجود، ولكن البيئة لم تشجعني! فماذا تنتظرين من "البيئة" أن تفعل؟! البيئة تترك لك حريتك في مقابلة خطيبك، وفي أن تضربيه مزاحاً، وتتحدثين معه عن الحب وغيره، فما الذي تمنعك عنه البيئة إذا أردت الحجاب، أو غير الحجاب؟! ما هذه الحجج المتهافتة؟! لك الحرية طبعاً في اختيار ما تشائين، لكنني أعترض على تعليق المسئولية في أعناق الآخرين، وبالمنطق نفسه أرفض الطريقة التي تتحدثان بها عن وضعكما، وكأن الأهل هم السبب الوحيد وراء الوضع الحرج الذي أنتما فيه، أو أنكما مضطران لشيء من الخطأ تحت تأثير "الحب"، وطول الفترة حتى عقد القرآن، فمَن قال إن الإنسان حيوان غريزي ترتبط عنده كلمات الحب بممارسة الجنس ارتباطاً مباشراً أو لازما؟ ومَن قال إن كل الغزل هو عن الجسد والجنس؟!
ومَن قال إن الحياة الزوجية هي كلام في خصوصياتها وشئونها فقط؟! وليست مشاركة في اهتمامات الحياة العريضة؟! ومن قال إن كل النظرات بين الشاب والفتاة هي نظرات شيطانية؟! إنها تكون كذلك عندما يجعلونها كذلك، وما كل هذه الهشاشة في مواجهة ظرف يواجه العشرات، بل مئات الآلاف من الشبان والفتيات، فيكون الشاب مثل الذئب الجائع ينتظر غفلة من الراعي ليقفز على الفريسة الضعيفة ويأكلها؟! ولماذا كل هذا الخوف من الوقوع في الخطأ، بالرغم من أن لكما عقلاً سليماً، ونية خالصة، وخشية من الله؟!
وسؤالي المتكرر: لِمَن تركنا الحب العذري، أو الرومانسي العفيف الذي لا إغواء فيه ولا إغراء حتى يأتي الوقت المناسب؟!! لمَن تركناه؟ وأين ذهب؟! حتى يكون الاختيار. إما عقد القران قبل استكمال الاستعدادات، أو الوقوع في الحرام تحت ضغط "الظروف"! في أي عقل يجوز هذا؟ أو في أي منطق يتسق ويعتدل؟! وما هي هذه الأسئلة المغلوطة، والاختيارات الحرجة؟!
أنتما أدرى بأنفسكما: فإما أن لديكما من العقل والإرادة ما تكبحان به جماح العواطف، حتى يأذن الله لها أن تبلغ مداها، وتشبع نهمها، وتقضي وطرها، أو أنكما غير قادرين على أي تماسك، وبالتالي فلا يكون لقاء إلا بمَحرَم، ولا حديث إلا بمَحْرَم، ولا ملامسة، ولا مغازلة، ولا نظرات، ولا غيره، وأنتما حين تفعلان هذا أو ذاك، فإنما تحافظان على حبكما من أن يقع في فخ من فِخَاخ الخطوبة الطويلة.
تعرفان جيداً أن الخطبة هي مجرد وعد بالزواج، ولا تؤدي بالضرورة إليه، ولا يترتب بالتالي أية حقوق أو واجبات تجاه الطرف الآخر، وأن المخطوبَيْنِ أجنبيان من ناحية ما يجوز وما لا يجوز بالنسبة للعورات أو الخلوة الشرعية... أو ما إلى ذلك، ولا يبرر تأجيل العقد ما أنتما فيه من حيرة، فقط أسرعا باستكمال الاستعداد للزفاف، وتَخففا من الحديث واللقاء المباشر، واستمتعا بفترة من الحب العاطفي الرومانسي؛ حيث الخيال والمشاعر دون معاشرة مادية جسدية، فغداً تحصلان عليها، وتقولان: يا ليتنا اغتنمنا فرصة الخطوبة في تعارُف سَوِيٍّ، وحب نظيف، أقصد "بلا غرض دنيء"...
تمنياتنا لكما بالزفاف السعيد.