ما هي الوسوسة؟ ومن هو الموسوس؟
استشارة عامة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، الإخوة في شبكة مجانين جزاكم الله خير فيما تقدمونه ونفع بكم الأمة الإسلامية. أصبت بالوسوسة في جانب العقائد وصرت قلقا على نفسي منها حيث التبس عليّ هل هذه الأفكار والشكوك نابعة مني أم لا هل اعتقدتها والعياذ أم ما أشعر به هو من أثر الوسوسة؟
ما هي أشكال وصور الوسواس أفكار وتصورات فقط أم تدعمها بمشاعر وأحاسيس تجعل الشخص يظن الفكرة حقيقية؟
الوسوسة في الوضوء وغيرها هي واضحة تشخيصها أريد أن أعرف كيف يتم تشخيص الشخص أنه مصاب بالوسوسة في جانب العقيدة؟ هل من سمات الوسواس أنه يجعل الشخص عنده صعوبة في التيقن من الشيء أم فقط دور الوسواس هو إلقاء للفكرة ومسألة اليقين حسب تأثر الشخص بالفكرة الوسواسية؟
ما الفرق بين الشخص الطبيعي والموسوس.. مثلا الاثنان تأتيهم أفكار وشكوك ولو افترضنا وجدوا جوابا لتساؤلهم الشخص الطبيعي يرتاح والموسوس يرتاح وبعد فترة مؤقتة تجده يسأل، هل هذا من سمات مرض الوسواس أم يعني إن الموسوس يحتاج إجابات أكثر وتزول الفكرة بعدها؟
أرجو شرحا وافيا منكم لتساؤلاتي
مع تقديم النصائح والحلول
2/8/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "مهند"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك مجانين
بالنسبة لقولك: (التبس علي هل هذه الأفكار والشكوك نابعة مني أم لا هل اعتقدتها والعياذ أم ما أشعر به هو من أثر الوسوسة؟ ماهي أشكال وصور الوسواس أفكار وتصورات فقط أم تدعمها بمشاعر وأحاسيس تجعل الشخص يظن الفكرة حقيقية؟)
التباس الوسواس بالحقيقة، واعتقاد الموسوس أن الشك نابع منه سمة مشتركة بين موسوسي الكفر، وقد انتبه إليها الفقهاء منذ قرابة ثمانمئة عام، وربما قبل ذلك.
وإليك النص الموجود في "التاج والإكليل" وهو كتاب من كتب المالكية لمحمد بن يوسف الموّاق المتوفى عام 897 للهجرة قال: (وقال عز الدين: الوسوسة ليست من نفس الإنسان، وإنما هي صادرة من فعل الشيطان، ولا إثم على الإنسان فيها لأنها ليست من كسبه وصنعه، ويتوهم الإنسان أنها من نفسه.... فيتحرج لذلك ويكرهه). وعز الدين هو العز بن عبد السلام المتوفى عام 660 للهجرة.
وفي هذا النص جواب ما تسأل عنه: فالموسوس يعتقد أن الوسوسة منه، والثانية: أن هناك مشاعر، ذكر منها: التحرج من أفكار الوسواس وكرهها. وطبعًا هذا التحرج والكره ناجم عن شعور الموسوس بالميل للفكرة، أو خوفه من تصديقها، بل شكه هل صدقها أم لا، ونحو ذلك.
والموسوس عنده صعوبة في التيقن، وكلما حاول البحث في داخله ليعلم هل هو متيقن أم لا؟ ازدادت حيرته، كما شرحه لك د.وائل بشكل علمي وافٍ.
أخيرًا: ما الفرق بين الشخص الطبيعي والموسوس: الشخص الطبيعي عندما تعرض له الشبهات، يقف في مكان وسط لا هو يميل للفكرة الإيمانية ولا للفكرة المضادة، فإن كان صادقًا في طلب الحق، بقي يبحث إلى أن تميل نفسه إلى إحدى الفكرتين، فيتمسك بها، ويرمي الأخرى وراء ظهره غير آبه بها. وهذا النوع أيضًا يشعر بالصدمة من فكرة أن ما كان يعتقده ويظنه الحق المطلق، قد يكون غير صحيح، ولا يشعر بالذعر والخوف كالموسوس.
وإن كان هذا الشخص الطبيعي لا يريد الحق، وإنما يريد هوى نفسه، اتبع ما يحلو له، ووجد مبررات لاختياره هذا لإسكات ضميره، وهذه المبررات لا تفلح معها الأدلة والبراهين التي تقال له لدحض شبهته
أما الموسوس، فهو يصاب بالذعر من الفكرة الوسواسية، لأنه يريد أن يبقى مؤمنًا، وليس مقتنعًا بالفكرة، ويعلم أنها خاطئة حتى لو لم يسأل أحدًا عن ذلك، وعندما يسأل فذلك لدعم قناعاته العقلية بواسطة الآخرين علّه يرتاح، ولكنه للأسف لا يرتاح، لأن الشك عنده ليس عقليًا وإنما مرضي يزول بعلاج المرض وليس بإقناع العقل.
هذا ما ألاحظه شخصيًا من الفرق بين سؤال الطبيعي وبين سؤال الموسوس، والحقيقة أني عمليًا أشم رائحة الوسوسة من خلال كلمة واحدة قد ينطق بها السائل، أو من أسلوبه. ولعله من الأفضل أن أبدأ بتدوين تلك الأشياء الدالة على الوسوسة، فربما يتم إضافة شيء مفيد للأبحاث المطلوبة في هذا الموضوع.
أرجو أن تكون قد اقتنعت بأنك موسوس، وأن تصرف طاقتك في العلاج وليس في البحث عن الداء المعروف لديك.
وفقك الله