أموت والله وأرجو معرفة السبب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سأحاول أن أختصر قدر الإمكان لأنني إذا كتبت ما بداخلي لن يكفيني شيء، فمنذ زمن وأنا أشعر بسبّ رب العزة داخلي، ولكني علمت بعد ذلك أنها من الشيطان فارتاح قلبي، وعندما كانت تأتيني بعد ذلك كنت لا ألقِ لها بالاً. قبل رمضان ببضعة أسابيع سمعت أحد العلمانيين وهو يتكلم عن الرسول والدين بطريقة سيئة فأخذت الأفكار تتوالى إلى رأسي حتى صرت أفكر في أشياء تجاه الرسول، ثم تطورت فأصبحت في العقيدة من ناحية الرسل، وصرت أشعر بخوف داخلي لا أعرف سببه من أنني كافرة وأنني لست من أتباع الرسول! وهو إحساس نغّص عليّ عيشتي، ولكن بدأ هذا الإحساس نحو الرسول يخف بالتدريج وأشعر مرة أخرى بالحب تجاهه، لكن ما زال هناك شيء من الخوف داخلي، وأيضاً ما زال بداخلي شيء تجاه الرسل فأنا أعلم جيداً أن هناك رسلاً بعثهم الله تعالى لهداية الخلق، ولكن لماذا أشعر عند قراءتي للقرآن أني غير مصدّقة مقدمهم ومجيئهم وأنهم حق؟!
وعندما أفكر في ذلك أعلم أن هذا يعد من قبيل الكفر لأن الإيمان بالرسل من العقيدة فيزداد الشعور بالخوف كوني كافرة، لكني لا أنطق بشيء. لقد كنت إنسانة طبيعية تستشعر حلاوة الإيمان ولا أفكر في أي شيء يمس عقيدتي، فلماذا الآن؟ أهو مني أم من الشيطان؟
أرجوكم أرجوكم سرعة الرد.
أنا والحمد لله إنسانة منتقبة أحب الإسلام كثيراً ولا أريد أن أشعر بما أشعر به الآن، بل أريد أن أحيا بالإسلام والإيمان والثبات واليقين في عقيدتي وحب لله وللرسول صلّى الله عليه وسلّم.
25/8/2009
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا إيمان،
لا داعي للخوف أبداً! فما تشعرين به امتداد لما سبق مما كان يأتيك من وساوس السبّ، وهو أمر قهري عليك ووساوس من الشيطان. وجميع مشاعرك وما يخطر في ذهنك من أفكار لا تؤاخذين عليها ولا تغيّر من إيمانك شيئاً فعامليها بالطريقة التي عاملت بها وساوسك السابقة. وأزيدك اطمئناناً:
1- ما تشعرين به مرض معروف هو الوسواس القهري، وليس على المريض حرج. وقد نصّ العلماء والفقهاء على أن الوسواس القهري الذي يطرق الذهن دون اختيار لا يؤاخذ بها الإنسان ولا تغير من إيمانه شيئاً: منهم على سبيل المثال: الإمام القرطبي في تفسيره، وابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج، والسيد البكري (الدمياطي) في حاشية إعانة الطالبين وغيرهم.
2- ورد في الأحاديث الصحيحة أن ما يرد من الوساوس والشك على القلب فينكره ويكرهه، إنما هو من الشيطان وليس من ذات الإنسان، وهذا الكره دليل على قوة إيمان الموسوس، فلو كان كافراً حقاً لما خاف من أفكار يؤمن بها، بل إنه يجريها على نفسه بملء إرادته ويتكلم بها أيضاً: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ– رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلّى الله عليه وسلّم-: «يأتي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ». وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟». قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ».
3- ليس من الضروري أبداً أن يكون الإنسان سيئاً مطروداً إذا لم يشعر بالصفاء ولم يستشعر حلاوة العبادة والمناجاة، بل يكون ذلك على العكس أحياناً، لأن الاستمرار على الطاعة مع وجود المشقة ودون وجود ما يسهل مشقتها من المشاعر والحلاوة، دليل على قوة الإيمان وعلى الإخلاص، وهو برهان على أن العبد إنما يطيع الله تعالى لأجله فقط، ومهما كانت الظروف، لا لأجل لذة عاجلة ينالها في الدنيا وإن كانت لذة العبادة.
4- ثقي تماماً أنك لن تصدقي هذه الأفكار ولن تؤمني بها، ولن تعملي بمقتضاها، وإنما هي مجرد أفكار وستبقى في حيز الأفكار وهذه هي طبيعة الوساوس، فلا تشغلي بالك بها واقطعيها فوراً عند ورودها.
- حبذا لو رجعت إلى مقالات (منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري) ففيها من الأدلة والنصوص ما يزيل الشك والخوف عن نفسك، كذلك تجدين في المقال الأخير منها مجموعة من الأذكار والأدعية التي يصرف الله تعالى بها بإذنه تلك الوساوس عنك.
وبما أن الله تعالى أيضاً أمرنا بالأخذ بالأسباب فاطلبي العلاج أيضاً عند طبيب يعطيك الدواء المناسب الذي يعينك على الخلاص من جميع وساوسك، بدل أن تظلي هكذا في عناء تتقلبين من وسواس إلى آخر.
عافاك الله.
ويتبع>>>>>>: وساوس السب والشكوك: محض الإيمان مشاركة