العرب لا ينتمون للتَّأخُّر ولا للتَّخَلُّف، وهم موجودون وفاعلون ومتفاعلون، وتَسُودُهم السلبية والعدوانية التَّصارُعِيَّة التي تستنزف طاقاتهم وتُبَعْثِر جهودهم وتُكَبِّلُهُم في متاهات ضارة ومُتعَارِضَة مع حاضرهم ومستقبلهم.
فالمطلوب من نُخَبِهِم ومُفَكِّرِيهم وكُتَّابِهم التَّنوِيرِيِّين إلغاء مصطلحي التأخر والتخلف، والاقتراب من الحالة العربية بأسلوب جديد يساهم في إضعاف عناصر الصراع والعداء، وتأمين الظروف الموضوعية للتواصلات التعاونية الأخوية النافعة للجميع. فأسطوانة التأخر والتخلف قد دارت على مَسَامِع أجيالٍ تِلْوَ أجيال، وما أنجزت ما هو نافع لأي جيل، بل زادت في الطِّينِ بَلَّة، وأصبحت الأمة في أَدْغال مشاكل ونَوَاكِب وانكسارات مُتلَاحِقَة تُعَزِّزُها الرُّؤى السلبية والتَّسوِيغَات التَّرقِيدِيَّة الداعية للإخماد والقنوط والتنويم الأبيد.
فما فائدة القول بالتأخر والتخلف؟ لماذا لا نستطيع الخروج من قَبضَتَيْهِما الجاثِمَتَيْن على صدورنا ومَدَارِكِنا؟ أَلَا يَحِقُّ لنا أن نفكر بِعَقْلٍ معاصِر جديد؟
إنَّ شباب الأمة الصاعد المُرَابِط في سَوْحِ التفاعلات التَّوَاصُلِيَّة المُتَدَفِّقَة بالأفكار والصور والحالات القائمة في أرجاء الدنيا لَقَادِرٌ على الانطلاق إلى آمادٍ بعيدة، والتَّحْلِيق في فضاءات إبداعية عالية ومُنيرة، فهو يمتلك ما يُؤَهِّلُه للمشاركة بِبِزُوغ فجر حضاري ساطِع وَهَّاج بالرؤى الأصيلة الواعدة بالجديد النافع المفيد. شبابٌ أَلْغَى من معاجِم وُجوده مُفرَدَتَيْ التأخر والتخلف، وتفاعل مع تحدِّيات حاضره وهو يَشُقُّ دروب الصعود إلى ذُرَى مستقبله الطَّالِع السعيد.
فَعَلَى الأُمَّة أن تَشْحَذَ طاقاته، وتُساند مَسِيرَته، وتستثمر معنويًّا وماديًّا في قدراته المُتَبَرْعِمَة المُتَفَتِّحَة الطَّامِحَة للمُرُوج والأفنان الوَارِفَة المُثمِرَة.
فلا تَقُل أن الأمة متأخرة ومتخلفة، وقُل أنَّها مُتَوَثِّبَة إلى عصر مُتَألِّقٍ بشبابها العَزُومِ المِقدَام. وإنّ الأمة ستكون , لأن إرادتها مُتَوَقِّدَة، وتُدَوِّي في أركانها نداءات "أكون”!
واقرأ أيضاً:
العلم لا يتكلم عربي!! / موقف السماء من الخطايا والبلاء!! / النانوية!!