ثورة الشباب العربي(4)، ثورة من أجل دساتير ديمقراطية، تكون فيها السيادة للشعوب.....2
ثورة الشباب العربي، ثورة من أجل دساتير ديمقراطية(1)
وطبيعة الدولة القائمة الآن، في معظم البلدان العربية، تتسم ب:
1) استعباد الشعوب العربية، التي لا زالت لم تغادر، بعد، عصر العبودية، الذي يسلب الحريات الفردية، والجماعية، وبواسطة القانون، والعادات، والتقاليد، والأعراف، وغيرها من الممارسات، التي تعتمد لتكريس استعباد هذه الشعوب.
2) الاستبداد من قبل الحكام، وأذنابهم، من ناهبي الثروات العمومية، بمصائر الشعوب العربية، على المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لضمان إعادة إنتاج الشروط المكرسة لاستعباد الشعوب العربية، وكبح كل ما يمكن أن يؤدي إلى الشعور بضرورة تمتع هذه الشعوب بالكرامة الإنسانية، التي هي المدخل الحقيقي لأي انعتاق تعرفه.
3) الاستغلال الذي تمارسه، وبهمجية مطلقة، الطبقة المستغلة، وجميع المستفيدين من الاستغلال على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من خلال المؤسسات الإنتاجية، والخدماتية، وعن طريق رفع أسعار المواد الاستهلاكية، وغيرها، الذي يلحق الضرر بالكادحين.
4) كونها لا ديمقراطية، ولا شعبية، باعتبارها مجرد أداة للسيطرة الطبقية، التي يمتلكها الحكام، من أجل التنكيل بالشعب، في كل بلد من البلاد العربية، ونظرا لكونها كذلك، نجد أنها تكثر من الأجهزة القمعية المعروفة، وغير المعروفة، والتي تأخذ على عاتقها الإخلاص في قمع الشعب، في أي بلد عربي، ومصادرة مختلف الحريات، وارتكاب مختلف الانتهاكات الجسيمة، في حق المعارضين، لضمان تأبيد السيطرة الطبقية. وهي لذلك لا يمكن أن تكون ديمقراطية، ولا يمكن أن تكون في خدمة الشعب في أي بلد عربي.
5) كونها لا تحترم أجرأة مضامين المواثيق الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، عن طريق العمل على ملاءمة القوانين المحلية مع مقتضياتها، في كل بلد عربي، مما يجعل الشعوب العربية محرومة من التمتع بالحقوق الإنسانية، عن طريق تطبيق القوانين المختلفة. وهو ما يجعل تلك القوانين نفسها مصدرا لمختلف الانتهاكات الجسيمة، التي تعاني منها الشعوب العربية على مدار الساعة، وفي مختلف القطاعات.
6) كونها تعمل على حماية تفشي الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تشغل أفراد كل شعب، عن امتلاك الوعي الحقيقي بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، الأمر الذي يترتب عنه الانسحاب من الواقع، وعدم الانخراط في المنظمات الجماهيرية، العاملة على تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية لعموم أفراد الشعب، وعدم الانخراط في الأحزاب السياسية، العاملة على تغيير ميزان القوى لصالح الشعوب، نظرا للاستلاب الذي تعاني منه.
وبما أن الدستور الديمقراطي الذي يتم التنصيص فيه على ما ذكرنا، حتى يصير ديمقراطيا فعلا. وبما أن الدستور، من هذه الطينة، غير وارد في معظم البلاد العربية، بعد ثورتي تونس، ومصر، التين حققتا بعض أهدافهما، فإن الشروط الموضوعية القائمة في معظم البلدان العربية، تفرض خروج الشباب، ومعه الجماهير الشعبية الكادحة، صاحبة المصلحة في التغيير، من أجل المطالبة بإقرار الدساتير الديمقراطية، التي تسود فيها الشعوب العربية على نفسها، وأن تبقى في شوارع المدن، والقرى، حتى يتم الإقرار بتلك الدساتير، التي تعيد للشعوب العربية كرامتها.
وانطلاقا من هذه الضرورة الملحة، لإيجاد دساتير ديمقراطية حقيقية، تتحقق على أساسها الديمقراطية من الشعب، وإلى الشعب، في كل بلد من البلدان العربية، أنى كانت طبيعة الدولة القائمة فيها؛ لأن المهم ليس هو الدولة، بقدر ما هو تحقيق الكرامة الإنسانية، التي تمكن الشعوب من السيادة على نفسها، حتى تتمكن من اختيار حكامها، وممثليها في مختلف المؤسسات التمثيلية.
وهكذا، يتبين أن ثورة الشباب في البلدان العربية، والتي حققت مكاسب مهمة في البلاد العربية، يأتي على رأسها طرد الخوف من النفوس، والتفاف جميع ألوان الطيف حولها، وتلقي الدعم اللا محدود للثوار، من قبل التوجهات المنفرزة عن جميع أفراد الشعب، الذين يمتلكون وعيا معينا، يجعلهم مصنفين في توجه معين، وعلى مستوى كل بلد عربي على حدة، هي ثورة من أجل دساتير ديمقراطية، تكرس سيادة الشعب على نفسه، وتقطع مع ممارسة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وتفصل بين السلط القائمة، وتحترم الحقوق الإنسانية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان العامة، والخاصة.
فتحقيق الدستور الديمقراطي، وبالمواصفات التي ذكرنا، يعتبر في حد ذاته ثورة على واقع الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال. وهذه الثورة ليس الهدف منها الوصول إلى السلطة، بقدر ما هي في طريق القطع مع:
1) استعباد الشعب، في مقابل تكريس سيادة الشعب على نفسه.
2) فرض الاستبداد، في مقابل تحقيق الديمقراطية.
3) الاستغلال الهمجي لكادحي الشعوب العربية، في مقابل تحقيق العدالة الاجتماعية.
4) حرمان المواطنين من الخدمات الاجتماعية، في مقابل ضمان تقديم تلك الخدمات إلى جميع أفراد الشعب، في كل بلد عربي على حدة.
5) تزوير إرادة الشعوب، في مقابل ضمان إجراء انتخابات حرة، ونزيهة.
6) المؤسسات المزورة، في مقابل انتخاب مؤسسات تعكس احترام الإرادة الشعبية.
7) حكومات مفروضة على الشعوب العربية، في مقابل حكومات تنفرز عن الأغلبية البرلمانية، في كل بلد عربي على حدة.
8) خدمة مصالح الحكام، وأذنابهم من الطبقات الممارسة للاستغلال، والمستفيدين منه، في مقابل خدمة مصالح جميع أفراد الشعب، في كل بلد عربي على حدة.
9) نهب ثروات الشعوب من قبل عصابات الحكام، ومن يدور في فلكهم، في مقابل مساءلة ناهبي تلك الثروات، ومحاكمتهم، ومصادرة ما نهبوه، من أجل توظيفه لخدمة مصالح جميع أفراد الشعب.
10) التبعية للمؤسسات المالية الدولية، وللشركات العابرة للقارات، وللدول الرأسمالية، في مقابل إيجاد اقتصاد وطني متحرر.
11) التملص من أداء الضرائب، في مقابل استخلاص جميع الضرائب المتراكمة على الأثرياء، ومالكي وسائل الإنتاج، الذين يتهربون، باستمرار، من أداء الضرائب.
12) مصادرة حقوق العمال، وباقي الأجراء، في مقابل ضمان تمتيعهم بالحقوق العمالية، المنصوص عليها في القوانين المتلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق العمال.
13) انتشار الأمية في قطاع عريض من أفراد الشعب، في كل بلد عربي، في مقابل جعل التعليم حقا إجباريا للجميع.
14) حرمان نسب مهمة من أفراد الشعب، في كل بلد عربي، من الحق في العمل، في مقابل ضمان الشغل لجميع العاطلين، والمعطلين، أو ضمان التعويض عن العطالة، من أجل ضمان الحق في الكرامة الإنسانية.
15) حرمان معظم أفراد الشعب، في كل بلد عربي، من الحق في الحماية الاجتماعية، في مقابل ضمان الحماية الاجتماعية للجميع.
16) حرمان معظم أفراد الشعب، في كل بلد عربي، من الحق في التغطية الصحية، في مقابل ضمان التمتع بالتغطية الصحية للجميع، في كل بلد من البلاد العربية.
17) كبت الحريات العامة، والفردية، في مقابل إطلاق هذه الحريات، في كل البلدان العربية.
18) التضييق على الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، في مقابل رفع حالة التضييق، وتقديم الدعم اللازم لها، حتى تمتلك القدرة على تأطير المواطنين، مع خضوعها للمحاسبة، والمراقبة.
فهل تستمر الثورة إلى أن تتحقق الدساتير الديمقراطية الشعبية، في كل بلد من البلاد العربية؟
وهل يتم احترام تلك الدساتير من قبل المسؤولين المنفرزين عن تفعيلها؟
وهل تقوم الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، بدورها مستقبلا بمراقبة تفعيل الدساتير الديمقراطية الشعبية؟
وهل يقوم الإعلام بدوره، في عملية مراقبة ذلك التفعيل؟
إن ثورة الشباب، بما هي ثورة الشباب، تنطلق من واقع الشعوب في اتجاه المستقبل، مرورا بعملية التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، بما في ذلك تغيير الدساتير القائمة، بدساتير ديمقراطية شعبية، لإيجاد واقع مختلف، تسود فيه الكرامة الإنسانية، بكل مضامينها، وفي جميع البلاد العربية. وما ذلك على الشباب الواعد بعزيز.
ويتبع>>>>>>> : ثورة الشباب العربي: ثورة من أجل وضع حد لنهب ثروات الشعوب(1)