السياسة باختصار تعني تحقيق المصلحة, وأي مجتمع فيه ساسة لا يحققون مصالحه, فإنهم أدوات لتحقيق مصالح الآخرين المرهون مصيرهم بهم. وما أكثر الأدوات في المجتمعات المنكوبة بمن يسمون "ساسة", وما هم إلا غير ذلك تماما, فالسلوك المسمى سياسيا يرتبط أصلا بالمصلحة العامة أو الوطنية, وكل ما يصب في هذا السبيل يحسب سياسيا, وما لا يتوافق معه يكون معاديا, وخبالا. والمخبولون المدّعون بالسياسة يتكاثرون في المجتمعات المقهورة المهدورة الثروات والمرهونة المصير والمصادرة الإرادات, لأن مخبوليها يتوهمون السياسة ويقومون بدور الأدوات التي تحقق مصالح الآخرين ونكران مصالح المواطنين. فالسياسي الناجح هو الذي يحقق مصالح بلاده وشعبه, والفاشل مَن يفشل في ذلك, لكن الذي يعادي مصالح بلاده وشعبه ويدّعي بالسياسة, فإنه لا يمكن أن يكون أو يُسمى إلا كونه أداة مسخرة لتنفيذ أجندات مناهضة لمصالح البلاد والعباد. اقرأ المزيد
الاجترار عاهة حضارية تتسبب بانكسارات, وتساهم في الركود والتأسن الشامل لحالة الأمة, التي ارتضت سلوك الاجترار وأنكرت آليات التفاعل مع حاضرها ومستقبلها. وهذا يفسر لماذا أن الأمة تنتج ما هو ماضوي, وما يمكن تسميته بأفكار المراوحة والركود, والاستكانة والعجز والخمود. فالكتابات السائدة في الصحف والمواقع والكتب ووسائل الإعلام, ما هي إلا كتابات ماضوية متوحلة في أطيان الذي مضى وما انقضى أبدا, وهي تفخر بما تمعن فيه من الموضوعات التي أكلت عليها الدهور وشربت, وكأن الحياة قد انتهت في مرحلة معينة من مراحل العرب, وأن العرب قد ماتوا وما عادوا يعترفون بأن ما فات مات, وما هو آتٍ آت, وإنما ما فات عاش وهو الذي يأتي ولا غيره من آت!! اقرأ المزيد
الواقع العربي انفعالي الطباع والسلوك ولا يمكن للعقل أن يجد دورا وتأثيرا فيه، والمصيبة الكبرى أن مؤججات الانفعالية تتراكم وتتفاقم، ومعززات العقل تتناقص وتغيب، وتلك محنة العرب الجوهرية التي تساهم في تنمية الانكسارات واستلطاف الخيبات والقهريات، والتغني بالمظلوميات والحرمانيات وغيرها من السلبيات والانكسارات. ليس ما تقدم حكما مُسبقا أو رميا بسوء، وإنما واقع مرير تعيشه الأجيال وما وجدت لها منه مخرجا، فوصلت بها الأحوال إلى ما هي عليه اليوم من السعي إلى الهروب والهُجران، للتخلص من محنة الموت في الأوطان المعبأة بالعدوان. والمشكلة أن المجتمعات تمر بسورات انفعالية ينتفي فيها العقل وتتسيد أمَارات السوء، اقرأ المزيد
العرب يسلكون طريقا ما عاد هو الطريق، أو أنهم في نومة أهل الكهف، أو يحسبون أن الطريق الذي تسير عليه قوافل الدنيا هو "طريق الحرير" ولا غيره من طريق. فالدنيا ذات طرق مطلقة ودروب مبتكرة وسبل معبّدة بما لا يُحصى من الأفكار والتصورات والإبداعات المعاصرة، المتظافرة المتسارعة المتسابقة المتجددة الفائقة الاندفاع نحو آفاق متوالدة، وصيرورات متدفقة من رحم الجد والاجتهاد والتفكير الحر المبدع الفعّال. العرب يتمسكون بدرب "الصد ما رد"، ولا يتعلمون ويعتبرون، ويكرورن ذات الحكاية ويشربون من عين المرارة والوجيع، ولا يعتبرون ويفكرون بأسلوب حضاري متفق وإرادة المواكبة والتواصلات المتسارعة في كوكب دوار وكرار. فلماذا يتمحّن العرب في أوحال طريق واحد؟ اقرأ المزيد
التكرير أن تعيد أي مركب إلى عناصره الأولية, ومصانع تكرير النفط معروفة, إذ يتم فصل مكوناته بعد مرورها في مراجل فصلها وتحويلها ومعالجتها, فنحصل على مشتقاته كالبنزين والزيوت والنفط الأبيض والأسود وغيرها العديد من المشتقات الأخرى. فالنفط المستخرج من باطن الأرض لايصلح للاستخدام إلا بعد مروره بمراجل التكرير لاستخلاص عناصره وتصنيف ما فيه من المكونات المتنوعة. وما يجري في بعض المجتمعات التي تتمزق وتتحطم, هو تكرير مبرمج لفصل العناصر المكونة لها ونثرها منفردة لكي يتحقق الافتراس المريح لها, اقرأ المزيد
المنطقة العربية عبارة عن خشبة مسرح تقدم عليها مسرحيات من فصل واحد أوعدة فصول, يقوم بكتابتها وإخراجها قوى إقليمية وعالمية ومحلية, ويمثل أدوارها أهل المنطقة, فبعضهم يمثلون وأكثرهم يتفرجون, والممثلون يقتل بعضهم بعضا والمتفرجون يقتل بعضهم بعضا, والمسرحيات تمضي عروضها بلا توقف وبعنفوان وإرادة تدميرية لا مثيل لها في تأريخ البشرية. مسرحيات لا تنقطع فهي كالوابل العاصف بالوجود العربي منذ أن تأهل فيها الممثلون وتكاثر المتفرجون, اقرأ المزيد
التقاطع يعني ضرب العزلة على بلد عربي من قبل بلدان عربية، وهو سلوك مروع وخطير التداعيات والتفاعلات، وينجم عنه ما لا يخطر على بال من الويلات المتراكمات المتوالدات، وقد كرر العرب هذا السلوك وما اتعظوا ولا تعلموا منه درسا واحدا. فعلها العرب مع مصر، وكان أغبى قرار تسبب بانهيارات وخيمة في الوعي العربي والمفاهيم والمنطلقات، التي كانت تتحكم بالمسيرة العربية منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين. وفعلها العرب ثانية وثالثة مع العراق، وأسهموا بفعالية وثقل كبير في تدميره وترويع وتجويع أهله وقتل الملايين من الأبرياء، حتى انتهى الحال إلى ما هو عليه اليوم، وأعادوها في سوريا واليمن، واليوم تدور الدائرة على قطر الورقة المهمة في لعبة شفط الثروات العربية. اقرأ المزيد
البشرية تعيش حالة مرعبة من الصمم الحضاري, الذي يعني أنها ما عادت قادرة على سماع بعضها البعض, وإنما تمكّن منها ما فيها, وراحت تصيخ السمع له وحسب, فما يتفق وما فيها تسمعه, وما لا يتوافق معه لا تسمعه أبدا, بل ولا يمكنها أن تفهم حرفا واحدا منه, وبهذا فإن البشرية تتصادى, وتسير في اتجاهات خطيرة ومدمرة, مما سيتسبب بتداعيات هائلة قد تشمل الأرض من أقصاها إلى أقصاها. اقرأ المزيد
العرب يتواجعون أي يوجع بعضهم بعضا، وما أمهرهم وأقساهم وأشجعهم في التعبير عن هذا السلوك الإمحاقي المبين. والأمثلة متراكمة وتحتشد في مرابعهم منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين، ولا تزال ماضية بعنفوان متصاعد وتسأل عن هل من مزيد. والمثال الواضح ما حصل لدولهم التي تآكلت الواحدة بعد الأخرى، كالعراق وليبيا وسوريا واليمن، وما سيأتي منها وفقا لقائمة الافتراس المبرمج الخلاق. اقرأ المزيد
من عجائبنا العربية أننا ما صدّقنا بأننا انهزمنا حتى تشبثنا بالهزيمة وأمعنا بالاستثمار فيها وتوليدها هزائم تلو هزائم, فصارت أيامنا وأحوالنا دائرة مفرغة من الهزائم والمظالم. وكأن المجتمعات والأمم والشعوب لا تنهزم, وإن انهزمت فيعني الموت والفناء والاستنقاع بالهزائم المتواليات. أ لم تنهزم اليابان, والصين وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وإنكلترا, وغيرها من دول العالم المتعددة؟! والجواب: نعم انهزمت, لكنها لم تستكنْ للهزيمة, وإنما انطلقت متحدية في مشوارها الوطني وتفاعلاتها الحضارية, وتتدارست الهزيمة بعلمية وموضوعية ووضعت المعالجات لعدم تكراراها والنهوض منها نحو آفاق الانتصار. اقرأ المزيد