حينما يتيه المرتحلُ، فإنه سرعان ما يلوذ بخريطته، فيتبصَّرُ مليًّا بموقعه ومقصده ودروبه؛ وإذا واجه مُعضلة أخلاقية، فهو يراجع قلبه إقداماً أو إحجاماً؛ وإذا أعجزه أمرُ شغَّل عقله بناء أو نقضاً، تحليلاً أو تركيباً، استنتاجاً أو استقراء؛ وإذا رام تواصلاً أضاء مشاعل لغته، لينقل دفائنه الفكرية والعاطفية إلى الضفة الأخرى. ولسوء حظ الإنسان، أن ثمة عوامل متكاثرة تجعله يفقد خريطته أو قلبه أو عقله أو لغته، أو يفقد قدراً كبيراً من نجاعتها وفعاليتها، فلا تظل كما كانت في سابق عهدها. الإنسان اقرأ المزيد
الحديث عن مفاهيم نفسية في تحليل السلوك البشري عملية تستحق الخوض فيها، وتساعد الإنسان على استيعاب وإدراك سلوك البشر حوله، والمجموعة البشرية التي ينتمي إليها، وكذلك السلطة التي يخضع إليها طوعاً أو قهراً. الغاية أيضاً من هذه المفاهيم تقييم البشر لحاضرهم والتفكير بحل لمشاكلهم ومن ثم التخطيط لمستقبل أفضل. في إطار هذا الموضوع سيكون الحديث عما يسمى في العلوم النفسية ثلاثية الظلام التي تتعلق بثلاثة صفات بشرية غير مرغوب فيها وتثير الاستفزاز عموماً وهي: اقرأ المزيد
مستوىات تحيز الإدراك المتأخر: يحدث تحيز الإدراك المتأخر عندما يشعر الناس أنهم "عرفوا ذلك طوال الوقت"، أي عندما يعتقدون أن حدثًا يمكن التنبؤ به بعد أن يصبح معروفًا أكثر مما كان عليه قبل أن يصبح معروفًا. وهذا التحيز الذي يمكن بسهولة أن نقع فيه يتضمن ثلاث مستويات ودرجات مختلفة: - مستوى تشويه الذاكرة Memory distortion : ("قلت إن ذلك سيحدث") لكن السؤال هل تتذكر ما قلته حرفيا بالفعل؟ اقرأ المزيد
الفلاسفة الرومان أشاروا إلى الحكمة بالفضائل والمهارة والعفة وكان مثال البومة Wol الشعار الشعبي للحكمة لقدرتها على الإبصار في الظلام. وهذا يرتبط بأهمية الحكمة وقت الظلام المعرفي، أي عندما نتعامل مع ما هو غير معروفٍ وغير مرئي ما هو غامض، فطائر البوم هو سيد المناورات في العالم المجهول؟ من الشخص الحكيم من وجهة نظرك؟ يشيع في المعتقدات المجتمعية أن الحكمة هي سمة من سمات الشيخوخة لأن الحكمة هي حالة من النضج المثالي والخبرات المتراكمة وافترض إريكسون (Erikson (1959. اقرأ المزيد
في رحلة استثنائية لإحياء درب زبيدة التاريخي (طريق الحاج الكوفي) عبر المشي 420 كيلاً في منطقة حائل (شمال السعودية) لمدة 16 يوماً (بدءاً من 4 يناير 2021)، شرفتُ بالمشاركة في هذه الرحلة الحضارية بصحبة كوكبة من المهتمين والمهتمات في ثقافة الرحالات والاكتشافات والمشي، بمبادرة فريدة للدكتور اللواء ركن عبدالعزيز العبيداء. طُلبتْ مني مداخلةُ مختصرة حول الآثار الاجتماعية لطرق الحاج، فكتبتُ هذا النص الصغير، الذي يجب إلقاؤه برشاقة في مساء الليلة الثانية، قبل أن يهجع المشاركون عند التاسعة اقرأ المزيد
نحو تشسيع الإحساس بالعالَم: مفهوم «الإنصات للعالَم» نموذجًا إن عشيرة المعنى في شقّها الأكبر عشيرة صوتية. – دافيد لوبروتون [1]. في دلالة لافتة، يشير السوسيولوجي والأنثربولوجي الفرنسي دافيد لوبروتون David Le Breton في “أنثربولوجيا الحواس” إلى أن مفهوم “الرؤية إلى العالَم” متحيز تماماً لسيطرة حاسة البصر على بقية الحواس في المجتمع الغربي، حيث يجري التفكير في كل شيء كما لو كان صورة وقابلاً للقياس وخاضعاً للمواثيق البصرية، مقرراً أن مجتمعات أخرى تفضّل منظورات أخرى من قبيل: “سماع العالَم” اقرأ المزيد
مفهوم “التحليل” Analysis من أكثر المفاهيم شيوعاً في الأبحاث والدراسات والنصوص والنقاشات، وقد يكون من أكثرها غموضاً أيضاً، مع توهم كثيرين (حتى الباحثين والأكاديميين) بأنهم يعونه تماماً، وقد جاء ذلك نتيجة لقلة النصوص المُجلِّية لتعريف هذا المفهوم وأنواعه ومستوياته واستخداماته، على الرغم من كثرة تِرداده في الكتب والدراسات المنهجية والفلسفية والعلمية. التحليل مفتوح على ممارسات متنوعة، وبقدر ما فيه من “العلم” والضبط فيه من “الفن” والاجتهاد أيضاً، وهذه سمة خطيرة قد توقعنا في “تيهٍ تحليلي“، اقرأ المزيد
ينقسمُ العالمُ العربي أنظمةً وشعوباً بشأن الانتخابات الأمريكية، وتتباينُ مواقفهم خوفاً وقلقاً ولا يتفقون، ويختلفون فيما بينهم اهتماماً ومتابعةً ولا يلتقون، وتتناقض أمانيهم وتتبدد أحلامهم ولا يجتمعون. ففي الوقت الذي لا تبالي أغلب الشعوب العربية بنتائج الانتخابات الأمريكية، ولا يعنيها كثيراً من يسكن البيت الأبيض ويرأس الإدارة الأمريكية، وما إذا كان أبيضاً أو أسوداً، رجلاً أو امرأةً، ديمقراطياً أو جمهورياً، فالأمر عندهم كشعوبٍ مضطهدةٍ مظلومةٍ عانت ومن ويلاتهم، وقاست من ظلمهم، واكتوت من نار حروبهم وجحيم عدوانهم سواءٌ، لا فرق بينهم ولا أفضلية عندهم ولا خيرية فيهم. اقرأ المزيد
في هذا النص أتناول موضوعاً فلسفياً بقالب توصيفي سردي، يندرج تحت ما يمكننا وصفه بـ التفلسف التلقائي أو السلِس أو الطري، بخلاف التفلسف المتشدق أو العسِر أو البائت. إنه تفلسف نابع من الحياة والمعاناة، ينبثق من الأولى ويعالج الثانية، في محاولة لاسترداد الإعدادات الإنسانية بتوازن واعتدال. وفي سبيل ذلك، أستخدمُ اللغة العادية والصور المجازية والأساليب السردية. ولكي ندلف بيسر إلى النص، نحتاج إلى أن نُصدِّره بقصة قصيرة، وتوصيف مكثف، ثم نعقبهما باستنتاج مختصر أولي. اقرأ المزيد
مع الجاحظ من «الكَتْبَنَة» إلى «الأَدْبَنَة» تَوَاشجَ الإنسانُ بالأدب مُنذ خُلِق، فَجُبِل على الانجذاب إليه والركوب عليه، ليهرب به إليه، لائذاً بحماه من قسوة النوايا وخشونة المشاعر، وفارَّاً من صفاقة المادي ورعونة التافه، وشارداً على تصلُّب الفلسفة وتخشُّب العلم. إن حاجة الإنسان إلى الأدب تزداد كلما حرَّكتْ التنميةُ تروسها، وأجَّجتْ ثوراتها، ووسَّعت مصانعها، وكدَّستْ العقول قبل المخازن بمنتجاتها ومخترعاتها. وتكمن الكارثةُ في أن هذه التنمية لا تحفل بالأدب ولا تقيم له وزناً، مكتفية له بأدوار شكلانية ديكورية في قوالب استعراضية ساذجة في أكثر الأحايين. ومع كل هذا التحامل اقرأ المزيد