لا خِيَار أمام العَرَب غير الانطلاق في دُرُوب العلم لِتَحْقِيق الكَيْنُونة الحضارية المُتَوَافِقَة مع جَوْهَر الأُمَّة؛ فهذه أُمَّة عِلْم، ذلك ما يُؤَكِّدُه تُرَاثُها وأَسْبَقِيَّتُها العلمِيَّة في مجالات العلوم المُتَنَوِّعَة، فتُرَاث الأمة الحقيقي علمي، وبالعِلم سادَت وتأَلَّقت وأَحْيَت الوجود الإنساني فوق التراب. واليوم أُمَّة العلم تَعِيش بلا عِلْم، وتُمْعِن بتَجْهِيل أجيالها وقَطْعِهم عن أصلها ومَشِيمِة وجودها الحَيّ المُشرِق. ويَقُود تَجْهِيلَها عدد من أبنائها الذين يُسَمُّون أنفسهم بالمُفَكِّرين والنُّخَب، وهَمُّهُم التركيز على الدين، ويحسبونه السبب فيما يحصل للأُمَّة من أَوْجَاع اقرأ المزيد
الهِمَّة: الهَوَى والمَيْل، ما هُمَّ به مِنْ أَمْرٍ ليُفعَل. العَزْم: القَصْد والقوة. الأُمَم هِمَم، أي أنَّها تتكَوَّن وتتأَلَّق بِمَا فيها من الطاقات والقُدُرات المَيَّالة للانْبِثَاق والتعبير عن إرادتها بِمَهَارات إبداعية ذات تأثيرات حضارية فاعِلَة في الواقع من حولها. فلا قِيمَة لأُمَّة بلا هِمَّة. وما تُعانِيهِ أُمَّتُنا منذ أن امتلكت إرادة تقرير مصيرها بعد تَحَرُّرِها من الحَيْفِ الإمبراطوري بأنواعه، أنَّها أَضَاعَت هِمَّتَها، وفَقَدَت عَزْمَها، وما عادت ذات بوصلة انطلاقية تَرْسُم مسارات إبحارها اقرأ المزيد
لو بَحَثُم فِيمَا نشَرَتْه الصُّحُف والمَوَاقِع على مدى أكثر من عَقْد من الآن، فَلَن تَجِدُوا فيها ما يُشِير إلى الإبداع العلمي، بل يبدو وكأنَّه مُحرَّم وممنوع، فكُل عِلمِي لا يجوز نشره وتسويقه لأنَّه يتعارَض مع الجهل المُقَدَّس الضروري لتأمين حياة القطيع. لا يوجَد ما يُسَمَّى علمي في كتاباتنا، بل لا تنشره الصحف والمواقع لأن سُوقَه بائِرَة، فالمَجْد للكتابات التي تتعَرَّض للأشخاص، وتستَثِير العواطف، وتُؤَجِّج العدوانية والكراهية والبغضاء بين أبناء الدين والوطن الواحد، اقرأ المزيد
القُوَّة في العلم، وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، ولكي تكون الأمة وتُحَقِّقَ جَوهرها الحضاري عليها بالعلم؛ فهو الذي سيُنقِذُها من الضعف والضَّلال والبُهتان. على الأُمَّة أن تتفَكَّر وتتَدَبَّر وتتَعَقَّل وتُبصِر بعيون العقل لِكَي تكون، فالأجيال تُبَدِّد طاقاتها وقدراتها في مُطارَدِة خيوط دُخَان، وتستهلك ما عندها من القابِلِيَّات في كان وكان، وقال فلان وذَكَر عِلَّان. على الأُمَّة أن تَصْحُو من هذا الغثيان، وتَمْضِي في دُرُوب العلم بخطوات ثابتة وإيمان راسِخ بِكَيْنُونَة مُتَنَوِّرَة أصيلة العناصر والمفردات. اقرأ المزيد
وسائل الإعلام لا تنظر للأحداث بمِنظَار مُحايِد ونَزِيه، فلُكُلٍّ منها رؤيته وأجندته المُتَّصِلَة بمصادر التمويل والامتلاك، فوسائل الإعلام الطَّاغية تفتَقِد للموضوعية في بعض الأحيان، وتُسَلِّط مَوَاقفها المعروفة والمَحسُوبَة مُسبقًا على ما يحصل من تطَوُّرات في الدنيا كل يوم، ويمكن معرفة الموقف قبل التصريح به. وما يجري من أحداث مأساوية مُروِّعَة تقترب منها بعين واحدة ولا تريد النَّظر إليها بعينين واسعتين لِتَرَى الصورة بوضوح وجَلَاء. والسَّائد أن البشر يُمكِن تَقسِيمه إلى أرقام وبشر ذي مقام، وتُنَزع صفة الآدمية من مجموعة اقرأ المزيد
العديد من الأضاليل والافتراءات السَّارِيَة في الوعي الجمعي على أنَّها حقائق ووقائع حصلت، ما هي إلَّا من نسيج الخيال وإبداع المُغرِضِين المُعَبِّرين عن إرادة السوء التي فيهم، لكنَّها دُوِّنَت في زَمَن عَزَّ فيه التدوين، واعتُمِدَت وتكَرَّرت فتَرَسَّخَت، وما عاد من السَّهْل زَحْزَحَتها من مكاناتها وأدوارها الفاعلة في سلوك الأجيال، ذلك أنَّها أكاذيب ذات طاقات انفعالية تُعَزِّزُها إرادات عاطفية وتمنع عنها أنوار العقل، ولا تسمح بطرح سؤال حولها أو النَّظَر إليها بعيون المنهج العلمي السليم. اقرأ المزيد
الغُثاث من الغَثِيثَة، وهي الفساد في العقل. الغثيث: لا خير فيه. أُمَّتُنا غنية بتراثها، وربما من أغنى الأمم، ولا يزال تُرَاثُها مَحجُوبًا عن قصد أو غيره، وتَحفِلُ مخازن متاحف الدنيا بآلاف المَخطُوطات العربية الممنوعة من رؤية النور. وأبناء الأُمَّة الأَجْهَل بتراثها وما سَطَّرَهُ أَفْذَاذُها من إِبداعٍ أَثِيل. وبسبب الجهل الفاعل في العقول والنفوس تَوَّهَمت الأجيال المُعاصِرَة بأنَّها تأتي بجديد، وهناك الأفضل منه والمُتَقَدِّم عليه في تُراثِها المَطْمُور. والسبب الأساسي في حَجْبِ تراث الأمة عن أجيالها هو تَرسِيخ مناهج التَّبَعِيَّة اقرأ المزيد
المجتمعات البشرِيَّة المُعاصِرَة تُفكِّر بأجيالها القادمة، وتَحسِبُ ألف حسابٍ لكل خطوة تُقدِمُ عليها لأنَّها تُريد أن تُؤمِّن حياةً أفضل لهم، وتُوفِّر الفرص بأنواعها لاستثمار طاقاتهم لِمَا يُحَقِّق تَطَلُّعات تُواكِب الأجيال المُتَوَافِدَة. وفي مجتمعاتنا تَنتَفِي ثقافة تَراصُف الأجيال والاهتمام بمستقبلهم، ويتسَيّد التَّصارُع والأنانية والانتقام والتَّنافُس ما بين الأجيال، ويا لَيْتَهُ تنافُسًا إيجابيًّا، لكنه عُدواني أليم أثيم. فالأجيال السابقة ربما عاشت في ظروف أفضل من الأجيال اللاحقة، لأنَّ تلك الأجيال لِأَنَانِيّتها ومَحدُودِية رؤيتها لم تُفكِّر بأحوال الأجيال القادمة وما عليها أن تفعله لخدمتهم، بل إنَّها تجتهد في القضاء عليهم ودَفْعِهِم إلى حروب ومعارك عَبَثِيَّة داخلية وخارجية اقرأ المزيد
البشر يَمِيلُ لِتَحْرِيف المعارف وتَطوِيعِها لتَخْدِم أهواءه وتَطَلُّعاتَه مهما كانت غير مُتوَافِقَة مع إرادة الحياة. وبسبب هذا المَيْل الغَرِيزي تعَدَّدت الروايات حول موضوع واحد، وتناقَضَت وِفقًا للفترة التي تُروَى بها، فكلٌّ يُغَنِّي على لَيْلَاه، والحقيقة مَطْمُورَة في الغَثِيث المُتناثِر في دروب الأجيال. ولهذا فالاعتماد على ما ورد في كتب التاريخ (مهما اقتنعنا بمصداقِيَّتِه) فلن نقتَرِب من الحقيقة، وإنَّما سنستنتج ما يُوحِي برأي أكثر مَعقُولِيَّة من غيره وحسب، أي أن ما نتوَصَّل إليه اقرأ المزيد
العرب لم يكتشفوا أنفسهم، وإنَّما الأجانب اكتشفوهم وأعلموهم بأنَّ لديهم تأريخ حضاري عليهم أن يعرفوه! الحضارات القديمة في وادي الرافدين والنيل لم يكتشفها العرب، بل المُستَشْرِقُون الذين غامروا بحياتهم وجاؤا إلى دِيَارِنا وخَيَّموا في أماكن نخشى أن نَصِلَ إليها، ونقَّبُوا وبحثوا ودرسوا وأثبتوا أن لِلعَرَب حضارات عريقة ولولاهم ما عرفنا شيئًا عن تاريخنا القديم. لقد فكُّوا رموز اللغة الهيروغليفية والمِسْمَارِيَّة، وعلَّمُونا اقرأ المزيد