الوجود العربي مستهدف برمته، وهذا ليس بالأمر الجديد، وإنما هو قائمٌ قبل سقوط الدولة العثمانية بعدة قرون، فالعرب هم الأمة الوحيدة في تاريخ البشرية التي تمكنت بدينها أن تبني حضارة متواصلة بدولة قوية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. ومن يتتبع التاريخ يكتشف أن التوجهات التنويرية التحديثية النهضوية في زمن محمد علي والخديوي إسماعيل في مصر تم الإجهاز عليها، وكذلك المشروع الذي انطلقت به ثورة مصر بعد سقوط الملكية، وتواصل الانقضاض على إرادة الأمة وبكثافة غير مسبوقة في العقود الأخيرة من القرن العشرين وتفاقمت في القرن الحادي والعشرين. اقرأ المزيد
"وما نيل المطالب بالتمني......ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا" التمني عاهة أسطورية فتاكة مقيمة في وعينا الجمعي، وتوهمنا بأننا نحقق ما نريده بموجبها ووفقاً لمقتضيات وطاقات التمني القابعة في دياجير رؤانا. فديدننا التمزق والتناحر والتصارع والتبعية وتجاهل المصالح الوطنية بأنوعها، لأن الوطن حالة لا وجود لها في أذهاننا. فالمقسم يُقسم، والضعيف يزداد ضعفاً، والنيران تتأجج، والتناحر يتنامى، والوجيع في ذروته القصوى، فالعربي يقتل العربي، والمسلم يقتل المسلم، وأبناء الوطن الواحد يتذابحون وينكل بعضهم ببعض. اقرأ المزيد
الشعراء كتاب التاريخ الحقيقيون الصادقون، ولكي نعرف التاريخ علينا أن نعود إلى ما دونه الشعراء في فترات حياتهم، فقصائدهم فيها انعكاسات ساطعة لما يحصل في زمانهم ومكانهم. كنتُ في حوار مع أحد الأصدقاء الضالعين في الدراسات التاريخية وهو بدرجة الأستاذية، وكنت أستفهم منه عمّا حل بمدينة عربية من خراب فأغرقني بأسباب عديدة، فقلت له لكن الشاعر الفلاني قد وصف خرابها بقصائده مما يعني أنها تخربت بعد فترة وجيزة، وهذا لا يتفق والأسباب التي ذكرتها والتي جاءت بعد عدة عقود من وصف الشاعر للخراب، فانتبه وذكر لي ب اقرأ المزيد
المثقف جزء من عقل الأمة إن لم يكن عقلها، وقد فشل المثقفون (كتّاب، شعراء، مفكرون وفلاسفة) في بناء رؤية معاصرة و تنوير الكراسي والأحزاب وإرشادها إلى سواء السبيل. وهذا الفشل المروّع الذريع جعل وجودنا ضبابياً خالياً من القسمات الحضارية، مما أهّل الآخرين للقيام بدورهم التأويلي وبإلقاء التهم والتوصيفات الجائرة علينا. فكلما تساءلتُ لماذا يرانا الآخرون بعيون أخرى ويرسموننا بفرشات وألوان مغايرة لحقيقتنا، أكتشف أن السبب المهم يكمن بفشل المثقف في بناء الرؤية الضرورية لتوضيح صورة الأمة بجوهرها وما فيها من القدرات والتطلعات الإنسانية. اقرأ المزيد
البشرية منذ الأزل تستخدم الدين ولا تخدمه، فالدين في الحضارات القديمة كان الوسيلة الأقدر للقبض على الناس والتحكم بمصيرهم، فاستخدام الدين يمنح القوة والهيبة والحرية المطلقة للتحكم بأحوال البشر المحكوم بسلطان يمثل ديناً. أما الذي يخدم الدين فهو الضعيف البائس الفقير الذي عاف الدنيا وطلقها بالثلاث، وراح يذل نفسه ويؤدبها ويستجلب عليها الوجيع لكي يفوز بما بعدها من نعيم موعود. ولا يختلف أي دين عن غيره في هذين المفهومين، فالأديان يسود فيها الاستخدام وتقل فيها الخدمة، فلا دين يخدمه أهله بسلوكهم وإنما يستخدمونه لتبرير سلوكهم. اقرأ المزيد
الوطن بحاجة إلى قلب واسع رحيم وعقل حكيم, إلى إنسان يستطيع أن يغسل القلوب بماء المحبة والصفاء والنقاء, إلى إنسان يقدر فيعفو، ويتمكن فيصافي, الحب يتفجر من قلبه، والصفاء يفوح من عيونه, فلماذا لا نكون جمعينا ذلك الإنسان؟! يقول الأمام علي (ع ) " أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة" ويقول أيضاً " أعقل الناس أعذرهم للناس" الوطن بحاجة إلى قطع حلقة المشاعر السلبية المفرغة التي مضى في دوامتها منذ ابتداء عهده بالأحزاب اقرأ المزيد
أهل البهتان يحسبون غيره هو البهتان, وما يرونه الحقيقة المطلقة القويمة البنيان, وفي هذا تكمن أخطر التفاعلات البشرية وتتحشد أسباب الويلات الجسام. للبهتان أسس وأعمدة تشيدها نوازع النفوس الأمّارة بالسوء, وهي متنوعة ومتطلعة لتأكيد ما فيها من الدوافع المتوّجة بالشرور والأسقام. ولها سلطات جاذبة وإرادات صاخبة تستولي على العقول وتمتطيها لتسويغ غاياتها والوصول إلى مراميها مهما كانت غريبة وسيئة. وفي معظم الأحيان لا تكون العقول متحررة منها, مما يتسبب بأعمال وتفاعلات ذات أضرار كبيرة ومتعاظمة على جميع المستويات. فالأمور يُ اقرأ المزيد
من الأقوال المتداولة "كل علمٍ لم يحوهِ القرطاس ضاع" وفي الزمن المعاصر ما عاد للقرطاس دور في حياة الناس بعد أن تمكنت منهم الشاشات الصغيرة التي تستجيب لرغباتهم وتساؤلاتهم بسرعة غير مسبوقة. وربما يمكن القول: "كل علمٍ لم يحوه الإنترنت ضاع"!! هذه مقدمة لموضوعٍ آخر يتصل بالقلم الذي ما عاد له دور وقيمة ومعنى، فما تكتبه الأقلام كأنها تخطه على وجه الماء أو فوق الرمال، فالناس لا تقرأ، ومن الأفضل للكُتَّاب والمفكرين أن يكتبوا على الجدران لأنها لم تعد دفاتر للشياطين، بل للناس أجمعين!! اقرأ المزيد
دوَّخونا بأسماء الأعلام في مسيرة الحضارة العربية قبل قرون، وأوهمونا بأنهم ذروة ما فينا، وبأننا لن نكون كمثلهم بل سنعيش دونهم إلى الأبد. ومع الاحترام والتقدير والاعتزاز بهم ولدورهم في مكانهم وزمانهم ووفقاً لما توفر عندهم من معارف وعلوم، لكن الأمة قد أوجدت العشرات من أمثالهم وفقاً لمعطيات العصور التي عاشوا فيها. وفي عصرنا يوجد المئات من النوابغ والعلماء في شتى صنوف المعارف، وأحدهم يتفوق على أي من الأعلام الذين نتمسك بهم ونحسبهم كما يريدون لنا أن نراهم ونتصورهم، اقرأ المزيد
الأرض العربية رقعة شطرنج، ودولها بيادق, وعليها يلعب اللاعبون ويحركون البيادق كما تشاء المصالح وتقتضي التوجهات. واللعبة ذات طبيعة افتراسية بحتة تحسب فيها الموجودات فردياً وجماعياً على أنها أرقام مجردة من القيمة العددية ويتحقق تصفيرها لتمرير الأهداف المشاريع. فهناك بيادق صغيرة يتم تحريكها لقضم البيادق الكبيرة بمساندة وإيعاز من اللاعبين المهرة الذين حضروا للتباري على المكتسبات والاستحواذ على الثروات. والعجيب في دول المنطقة أنها ما استشعرت بأنها تقوم بدور البيادق, وربما استلطفت ذلك وتمادت في الإذعان والخنوع والتمتع بامتطائها من قبل الآخرين. اقرأ المزيد