الفهم العربي الأعوج للديمقراطية جعلها تبدو وكأنها تظاهرات ونزعات مطلبية بحتة، وجردها من الشعور بالمسؤولية والجد والاجتهاد، والعمل الدؤوب على استنهاض الواقع الذاتي والموضوعي من قاع الضياع والفقر والجهل، والاندراس في مستنقعات التظلم والتشكي والأنين. فالديمقراطية مسؤولية كبيرة، والحرية ثقيلة ومتعبة تضع على عاتق أصحابها متطلبات والتزامات، تستدعي تظافر جهود وتفاعل عقول وقدرات وطاقات. فالفهم العربي للديمقراطية أن يقوم الناس بالتظاهر ضد الحكومة التي انتخبوها، ويريدونها أن تلبي كذا وكذا من الطلبات، كزيادة الرواتب وتقليل البطالة والبناء والقيام بمشاريع، وما تساءلوا عن كيف يمكن للحكومة أن تقوم بذلك اقرأ المزيد
هي ظاهرة على مستوى الوطن العربي تتجلى على مواقع التواصل الاجتماعي، فما أن يصرح مسؤول أو حاكم تصريحا أو يصدر قرارا أو يقوم بفعل إلا وتنهال عليه النكات النصية والنكات المصورة (الكوميكس)، ويتطاير كل هذا بسرعة البرق عبر مجموعات الواتساب وصفحات الفيسبوك ويضحك الجميع من تلك النكات والسخريات السياسية. فهل هذه ثورة بديلة من الشعوب العربية يمكن أن نسميها "الثورة الكوميدية"، تستخدم سلاح السخرية من المسؤولين والحكام، وبذلك تمر الأحداث مر الكرام ولا يأخذون الأمور على محمل الجد، اقرأ المزيد
لماذا العرب يقتلون بالعشرات والصمت أبيد؟ لأن العربي أهدر قيمته وما عاد يعترف بوجوده كإنسان، وتنامى في وعيه أنه رقم من الأرقام، وأن الموت غايته التي يدركها، وكل غاية أخرى سواها لا تُدرك. وكيف توصل العربي إلى هذا الوعي؟ لأن العمائم واللحى المتاجرة بالدين ووعاظ الكراسي وأبواق الظالمين هم الذين أوهموه بهذا المصير، وإن قتله يسير، وعليه أن يقر بما تريده الكراسي وتقرره، وإلا فإن عمره قصير. ولماذا هذا الإذعان؟ لأنهم يتخذون الدين سلاحا للتخويف والترهيب، ويضعون حواجز سميكة من المحرمات التي ستأخذ المعترض عليها إلى جحيمات سقر، وأن على الذي بريد الفوز بجنات النعيم أن يقاسي ويعاني الشدائد ويعيش البؤس والحرمان وأن يتبع السلطان. اقرأ المزيد
الأمة كيان حيوي موجود، لا ينمحق وإن غاب يعود، والقول بموتها وهْمٌ وتخريف بلسانٍ حقود، فالأمة متأصلة وطبعها الخلود. هذه أمة العرب، ما نال منها ويلٌ أو خطَب، تهاجمها الأعادي وتصول عليها العوادي، وتكسرهم فيلوذون بالهرب، وتبقى قويةً ذات رَجَب. أمة الضاد الأبية، والروح العربية، والإرادة السماوية، والقيم الحضارية، والأنوار العلمية، والشوامخ الفكرية، والإبداعات الثقافية، والأساطير الملحمية، والإضاءات المعرفية، في مسيرات البشرية. اقرأ المزيد
الأرقام على سطور الويلات تُشطب، والأوراق تتهاوى من أغصان الشجر، وجميعها ذات يومٍ كانت تُسمى بالبشر، فالأرقام تأكل أرقاما، والأغصان لا يعنيها تساقط الأوراق فإنها ستلدها في ربيع قادم، كما أنها لا تريدها لكي تقاوم رياح الشتاء فلا تنكسر، أي أن الأغصان ترفض أوراقها لكي تبقى وتتنامى، والأرقام تتماحى وهي تُطارد سراب البقاء، وتتنعم بوهم القوة والهيمنة والاقتدار، وما هي إلا تنتظر دورها لتكون فريسة لرقم جديد. الأخبار تعج بالأرقام العربية الممحية، وأوراق أشجارها المتساقطة في جميع المواسم، ولا شيء قد حصل سوى أنها الأرقام والأوراق التي ستدوسها الأقدام وتغيب في غياهب النسيان والذوبان ببدن التراب. اقرأ المزيد
نسبة مرعبة من العرب يبوّقون لآكليهم وللطامعين بتدميرهم ومصادرة وجودهم بالكامل, ويأخذك الاستغراب وتتملكك الدهشة وأنت تراهم يحققون أهداف أعدائهم بإخلاصٍ وتفانٍ! إنها حقيقة سلوكية عربية متميزة وعلامة فارقة لا مثيل لها في مجتمعات الدنيا قاطبة. والأمثلة على ذلك واضحة وقائمة في الواقع العربي, فالإيرانيون قد أوجدوا عربا أشد حرصا على مصالح إيران من الإيرانيين اقرأ المزيد
كأن الدين تصدح به ألسنتنا ولا تنبض به قلوبنا، ولا تتنعم به أرواحنا، ولاتتعطر به نفوسنا. فالدين غائب في سلوكنا، ومفقود في عقولنا، ومبني على المجهول في أيامنا، ونعاديه بتفاعلاتنا، ولا نعرفه ولا يعرفنا!! دين إقرأ، ونحن لا نقرأ!! دين يسّر ولا تعسّر، ونحن نعسره ونعقده ونجعله الأصعب والأبهم!! دين إذا جاء نصر الله، ونحن الذين يستلطفون الهزائم والانكسارات والانتكاسات!! اقرأ المزيد
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أدركت الدول القوية التي خاضتها بأن التحارب فيما بينها لا يمكن القبول به أبدا، لأنه يعني الدمار الرهيب والمحق الخطير، لامتلاكها أسلحة فائقة التدمير والتحطيم، ولهذا ارتأت أن تكون حروبها في ديار الآخرين. ولأسباب لا تحصى أذعن العرب ووافق قادتها بتعاقبهم على أن تكون بلدانهم سوحا للحروب بالنيابة، فمضت مسيرة الحرب الباردة فوق الأرض العربية وتواصلت وسخنت وتأججت والتهبت، ودمرت بلدانا وقتلت أبرياءً وشردت الملايين من العرب، واستنزفت ثرواتهم ومواردهم وما هدأت، بل تعاظمت وتطورت وتوسعت. اقرأ المزيد
علينا أن نترحم على سايكس وبيكو لأنهما قدما مشروعا معاصرا فيه طاقات وممكنات صيرورة عربية عظمى وذات تأثيرات عالمية كبرى، وكان مشروعهما نعمة فحوله العرب إلى نقمة، مثلما حوّلوا نعمة النفط إلى نقمة وبلاء عليهم أجمعين. قد يقول قائل ما هذا الكلام والأجيال أمضت القرن العشرين ناقمة على سايكس وبيكو وتحسب أن السبب الأساسي في تأخر العرب وتدمير حاضرهم ومستقبلهم كان ولا يزال بسبهما، والواقع يؤكد أن ذلك المشروع أو المعاهدة كانت فرصة العرب التأريخية للتحقق والانطلاق، لكنهم فشلوا في ولادة القادة التأريخيين القادرين على استشراف المستقبل والعمل المقتدر والصعود إلى العلاء. اقرأ المزيد
من الحقائق المغيّبة والتي انطلت على الناس أن الأحزاب الدينية ذات نهج وطني، وفي حقيقتها وجوهر عقيدتها أنها لا تؤمن بوطن، أي أنها لا تمت للوطن والوطنية بصلة، وإنما ترتبط بحالة أخرى لها علاقة بمعتقدها وتصورها، ولهذا فإنها وبلا استثناء دمرت الأوطان التي سيطرت عليها. فالتحدث بلغة وطنية مع أحزاب لا يعنيها الوطن ولا يهمها، نوع من الهذيان والإمعان بالخذلان، اقرأ المزيد